أخوان شمّا



في سنة 1204 هجري اتجه دويحس بن عريعر وعبد المحسن بن سرداح ومن معهم من آل حميد إلى المجرة منطقة في العراق ، وفي الطريق إلى المجرة بعد دخولهم حدود العراق وجدوا في طريقهم فتاة تبكي وتتوسد الطريق بعيدة عن أحد القرى وكانت تنهار من البكاء فعطفوا عليها وسألوها ماذا بكِ؟ فردت الفتاه عليهم بأن حكت قصتها وقالت: أنا يتيمة وربتني أحدى العوائل في هذه القرية ولا يعرفون لي أهل فخطبني أحد الرجال من نفس القرية وتزوجني فسكنت معه في بيت أهله فكانوا يضايقونني بأن لا أصل لي ولاحول لي ولا قوة وكانوا يضربونني تارة وتارةً يطردونني من البيت، ويجعلوني أعمل وأنظف اكثر من الخدم، وكانت تحكي القصة وتكاد قلوب السامعين أن تتفطر لحالها، فقام عبدالمحسن بن سرداح بنباهة وقال لها: ما اسمك ؟  فقالت : شمّا.. فقال لها عبدالمحسن بن سرداح : قومي إلى بيت زوجك وعندما تلمحيننا من بعيد اصرخي وهللّي بنا، وكأننا إخوتك وقد جئنا لزيارتك .. ونحن إخوانك في الإسلام ولا شك في ذلك فقومي إلى زوجك

ففرحت فرحاً عظيما وأخذت تركض عائدة، فدخلت منزلها وهي تمثل الغضب وبقت جالسة بقرب الباب تنظر البعيد من الطريق فلما تجمع آل حميد وجهزوا أنفسهم سار بهم عبدالمحسن بن سرداح إلى بيت زوج شمّا ولما اقتربوا سمعوا صراخ شمّا وهي تهلي وترحب بأعلى صوتها ( أخواني جو أخواني جو ) فاستغرب أهل القرية فتقدموا ينظرون من هؤلاء فوجدوا أمراء على خيولٍ أصيلة ويدل مظهرهم على النفوذ وأنهم من ملوك العرب، فأهل الأحساء في ذلك الوقت كانت الناس تعرفهم بغلاء ملابسهم ومبهر منظرها، فقامت شمه بتضييفهم وأدخلتهم البيت وقالت لزوجها أن يعتني بهم فاستغرب الزوج وسط دهشته، فكيف يكونون هؤلاء إخوان زوجتي شمّا التي نعرف بأن لا أصل لها!

فقابلهم الزوج وطلب منهم أن يبقوا ليُضيّفهم عنده، فرفضوا أي ضيافة منه وقالوا نريد شمّا أن تأتي معنا، فلتطلقها فنحن لا نريدها أن تبقى في ذلّها معك، وأنها أرسلت لنا لنرى ماحلّ بها. جلس الزوج يتوسل إلى عبدالمحسن بن سرداح ويستعطفه فيقول : أُمّ عيالي ولا أستطيع الاستغناء عنها فأرجوك أن تسامحنا ولك منا ماشئت،  فقال عبد المحسن بن سرداح : سأبقيها عندك ولكن بشروط، أن لا تذلها وأن لا تأمروها بما يفوق قدرتها. لها منك أن تقوم بواجب الزوجة تجاهك وتجاه البيت، غير هذا فسنأتي بالمرة القادمة وسيكون عليك عقاب وخيم لن يُبقي أحد من أهل بيتك حيٌ

فوافق الزوج على مطالبهم وضيّفهم وبعد الغداء حدث حادث بالمدينة، وهو قيام مجموعة من اللصوص بسرقة بيت في طرف القرية وساقوا ماشيتهم فوصل الخبر للجالسين ولكن أهل البيت لم يتحركوا فسألهم عبدالمحسن بن سرداح :  لماذا لم تقوموا لتردوا اللصوص؟ فقال زوج شمّا : لا قدرة لنا عليهم فهم دائماً يأتون ويسرقوننا وكلما رددناهم قتلونا ونكلوا بنا فنخافهم لأنهم أكثر عدداً وسلاحاً

فغضب عبدالمحسن بن سرداح وقام بفرسه وهو ينتخي بأعلى صوته  " وأنا أخو شمّا " فقام آل حميد ورائه ينتخون، ولحقوا باللصوص  فقتلوهم شر قتلة

وكان ممن يشاهد هذه الحادثة زوج شمّا وشمّا وإخوان الزوج وأهل القرية، ففرحوا فرحاً عظيما، وكانت شمّا أشدهم فرحاَ، وبعد أن أعادوا ماشية أهل القرية قام عبدالمحسن بن سرداح وأمر بقية جماعته بالرحيل لإكمال الطريق، وبعد هذا قيل أن شمّا عاشت بقية حياتها عزيزة مكرمة حتى أن أهل القرية إلى أن ماتت وهم يسمونها الشيخة 






المصدر 
من الموروث الشعبي وقد تناقله الناس بروايات أخرى